مناقشه عقلية

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

كنت أفكر في مسألة و أريد التوضيح منكم يا شيخ وليد :

قال - صلى الله عليه و سلم - " أيما امرأة دعاها زوجها إلى الفراش و لم تجبه باتت تلعنها الملائكة " .

أسئلتي :



1/ أليست الغريزة الجنسية تكون من المرأة كما هي من الرجل فهم مجبولون عليها ؟

2/ألا يصلح العكس ؟ فلو أن المرأة هي من طلبت من الرجل أن يأتي للفراش و رفض هل بات تلعنه الملائكة ؟

3/ أليس في هذا ظلم للمرأة ؟

4/ أليس النص الصريح لا يخالف العقل الصحيح ؟

]بسم الله
الحمد لله.قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم( إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت فبات ؛ غضبان عليها ، لعنتها الملائكة حتى تصبح).
هذا الحديث صحيح مشهور ,ومحل الإشكال عند السائل هو هل هذه القضية المذكورة في الحديث منعكسة أم أنها قضية
مطردة غير قابلة للانعكاس .
أولا :لنحدد الفوائد المستنبطة من هذه القضية الشرطية.
1-إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأجابته لم تلعنها الملائكة.
2-إذا دعا الرجل امرأته الى فراشه فأبت ولكنه لم يغضب عليها لم تلعنها الملائكة.
3-إذا لم يدع الرجل امرأته إلى فراشه لم تلعنها الملائكة سواء أكان غاضبا أم لم يكن غاضبا.
4-إذا دعت المرأة زوجها إلى فراشها وأبى عليها فباتت غاضبة لم تلعنه الملائكة .
ثانيا:ماهي العلة من هذه العقوبة :
الجواب:بدليل الاستقراء تكون العلة في الأمور التالية:
1-أن تسليم المرأة نفسها في مقابلة قيام الرجل بحقها من تسليم المهر والنفقة فرفضها إخلال بالعقد بدليل أن المهر
متعلق بالعقد والدخول عند حصول الفرقة والرجل يدفع المهر في مقابلة الانتفاع بالبضع ولم يقل أحد أن المرأة تدفع المهر وتنفق في مقابلة انتفاعها ببضع الزوج.
2-أن داعي الغريزة عند الرجل أقوى بكثير من داعي الغريزة عند المرأة وليس المراد نفس الغريزة ففرق بين الغريزة
وبين داعيها فالغريزة عند المرأة أقوى والداعي ضعيف وعند الرجل الداعي أقوى والغريزة أضعف مما هو عند المرأة.
3-أن الرجل إذا لم يجد قضاء وطره عند زوجته ففي الغالب سيتجه إلى قضاء وطره خارج إطار الزوجية أو سيتكلف الزواج بثانية وثالثة ونحو ذلك وسيكون المتسبب الرئيس في ذلك المرأة التي لم تمكنه إحتجاجا بمشاكل زوجية أخرى.
4-بخلاف المرأة في الأغلب فإنها لن تتجه إلى قضاء الوطر خارج إطار الزوجية.
5-أن قضاء الوطر لا يجوز للمرأة التلاعب به وربطه بأمور أخرى على سبيل تأديب الرجل لما قد يفضي من مفاسد أعظم
من المصلحة التي قد ترجى في هجر الزوج.
فهذه علل اللعن المترتب من هجر المرأة زوجها .
والسؤال الذي يطرح نفسه هل هذه العلل موجودة إذا هجر الزوج امرأته بعد أن دعته لنفسها؟
1-من الحقوق المشتركة بين الزوجين حق الاستمتاع فإن حرمها هذا الحق كان ظالما لها ولكن مطلوبية هذا الحق
من الرجل على المرأة تختلف عن مطلوبية هذاالحق من المرأة على الرجل ,فالمرأة ملزمة تسليم نفسها في أي وقت
(ولو كانت على ظهر قتب أو تنور)كما جاء في بعض الأحاديث الصحيحة,بخلاف الرجل فلا يلزمه أن يستجيب لها
في أي وقت وذلك للاختلاف الجنسي بين الرجل والمرأة فلا يمكن أن يكون الفاعل كالمفعول والمرسل كالمستقبل.
2-أن الرجل له الحق في تأديب امرأته بهجرها في المضجع وليس للمرأة ذلك كما هو في صريح القرآن الكريم.
إذن نلاحظ أن التعليلين غير متطابقين فبالتالي لا يجوز أن تكون القضية منعكسة بل هي قضية مطردة شرطية
لكن لو أن الرجل ضار المرأة ودعته إلى فراشها ولم يكن بالرجل مانع يمنعه من ذلك وأبى عليها وباتت غاضبة مقهورة
فهل يلحق الرجل اللعن ؟
الجواب :لننظر في قوله عليه السلام (إذا دعاالرجل امرأته الخ)هل التقييد هنا بالرجل قيد أغلبي أم حقيقي بمعنى لا يدخل غيره ,الظاهر أنه قيد أغلبي فيجوز أن يقال (إذا دعت المرأة زوجها ..الخ)
ولكن المحمل مختلف نظرا للقول بأغلبية لفظة (إذا دعاالرجل).
يعني الغالب أن الرجل هو الذي يدعو وليست المرأة والرجل له هذا الحق استقلالا وسواء أكان ظالما أم غير ذلك له هذا الحق .
بخلاف المرأة فإنه تتمتع بالتمنع والحياء ولو تظاهرا ويجوز تأديبها بترك جماعها .
فينتج لنا بعد هذا البحث المنطقي الأصولي النقطتين التاليتين:
1-يجوز أن يكون الحديث منعكسا ويستحق الرجل اللعن في حالة إضراره بالمرأة مع دعوتها له وهو يأبى وليس لديه مانع.
2-وظاهر الحديث في لعن المرأة إذا لم تستجب لفراش زوجها وبات غاضبا عليها مطلقا.
والله الموفق