محمود جمعة-القاهرة أطلقت دراسة أكاديمية مصرية جرس إنذار للباحثين العرب من مخاطر قيام إسرائيل بمحاولات استلاب الموروث الثقافي الشعبي للدول العربية وادعاء ملكيته للكيان الصهيوني، مع دعمه بنظرياتها التآمرية وتكريس الصورة السلبية للعرب إلى جانب تفريغه من مضمونه العربي لصالح الفكر اليهودي الصهيوني. ورصدت رسالة لنيل درجة الدكتوراه للباحث الصحفي ياسر طنطاوي تحت عنوان "المصادر العبرية للقصص الشعبية لليهود" أن الدراسات الفولكلورية تشكل إحدى الدعامات الأساسية لزرع الكيان الصهيوني في أرض فلسطين، نظرا لاعتمادها على استلاب الموروث الثقافي. وكشفت الدراسة أن إسرائيل تقوم بتوثيق هذا الموروث على أنه موروث شعبي إسرائيلي تحت مزاعم انتقال هذا التراث مع يهود الدول العربية عند نزوحهم لفلسطين، متجاهلين أن هذه الثقافات هي ثقافات الشعوب العربية وانتقالها من مكان لآخر لا يعنى توثيقها على أنها إنتاج يهودي خالص. الرسالة التي حصلت على درجة الدكتوراه بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف الأولى طالبت الباحثين العرب بالتصدي لهذه الممارسات من خلال ما أسمته بـ"انتفاضة حقيقية وعلمية ضد ما يسلب من إنتاجنا العربي". ودعت الباحثين العرب لتوثيق هذا المنتج الشعبي العربي بشكل ممنهج وتصنيفه وفق الأصول المرعية تجنبا لأي محاولات لسرقته من قبل الدولة العبرية. الخطر الأكبر مؤلف الدراسة الباحث ياسر طنطاوي قال للجزيرة نت إن التأثير الثقافي والأدبي يمثل الخطر الأكبر، لأنه لا يقف في تعامله أمام الحكومات بل يتعداه ليصل إلى الشعوب وأفكارها وتراثها. وأضاف "إذا كنا لم نستطع استعادة كامل الأرض من إسرائيل نتيجة متغيرات عالمية سياسية، فعلينا ألا نقف مكتوفي الأيدي ونترك حضارة أمتنا العربية وتراثها ليسلبا أمام أعيننا، في ظل غياب وعي ثقافي وغياب توثيق حقيقي لإنتاجنا". وذكرت الدراسة أن إسرائيل قبيل إعلان قيام الدولة لم يكن لها تراث يذكر سوى ما هو منحصر غالبا في المجال الديني، لذلك اعتمدت في تكوين مفردات ثقافتها على اليهود الذين جاؤوا من مختلف بقاع الأرض ليحملوا ثقافة وحضارة شعوبهم ودولهم فيتم إعادة تشكيلها مع وضع أهداف محددة لها إلى جانب صياغتها يهوديا لتصبح تراثا يهوديا. وأوضحت أن إسرائيل استغلت هذه الأفكار في السيطرة على الأراضي العربية بوضع مجموعة أفكار ومفاهيم تاريخية تمتد جذورها لآلاف السنين لتؤكد أن لها تاريخا مزعوما ليس لها حق فيه. وتساءل طنطاوي "هل يقبع الباحثون دون تحرك حتى تتبع إسرائيل الأمر نفسه فى تراثنا، وتأتي بعد مرور سنوات طالت أم قصرت لتؤكد حقها في هذا التراث وادعاء ملكيتها له؟". وحذرت الدراسة من أن الأدب الشعبي والفولكلوري غير رسمي، ويفتقد لمالك حقيقي يدافع عنه، إضافة إلى قلة الدراسات عنه فى عالمنا العربي، ما يسمح بانتقال منظم لتراثنا لإسرائيل ليتم توثيقه كإنتاج يهودي إسرائيلي ويتم الاحتفاظ به فى الجامعات ومعاهد الدراسات الفولكلورية بأرقام مصنفة ومتعارف عليها دوليا. وكشفت أن معهد الدراسات الفلكلورية بإسرائيل يضم آلاف القصص المأخوذة من كل دولة عربية ليتم توثيقها على أنها إنتاج يهود هذه الدول، ومن ثم تحاول إسرائيل تصنيفها وادعاء ملكيتها لها بعد أن قامت بتغليفها بإطار يهودي صهيوني ليتناسب مع أهدافها. |