قلوب الخير
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالرئيسية  البوابة*البوابة*  التسجيلالتسجيل  أحدث الصورأحدث الصور  دخولدخول  عالم الاغانىعالم الاغانى  سماحه الاسلام وارهاب الغربسماحه الاسلام وارهاب الغرب  

 

 بلاغة الأسلوب النبوي في معاملة الغير: مراعاة الأبعاد النفسية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
زائر
زائر
Anonymous



بلاغة الأسلوب النبوي في معاملة الغير: مراعاة الأبعاد النفسية Empty
مُساهمةموضوع: بلاغة الأسلوب النبوي في معاملة الغير: مراعاة الأبعاد النفسية   بلاغة الأسلوب النبوي في معاملة الغير: مراعاة الأبعاد النفسية Icon_minitime2008-02-24, 8:42 pm

بلاغة الأسلوب النبوي في معاملة الغير: مراعاة الأبعاد النفسية والتربوية
بقلم: د. رياض عثمان
ما الباعث على التفكير به صلى الله عليه وسلم؟ الضرورة أن نعرف نبينا حق المعرفة عن كثب، وألا نبعد عن سيرته الطاهرة؟ مع اقتناعنا بأن الله يعصمه من الناس، والله يكفيه المستهزئين.
يتمحور موضوعنا في معاملة النبي للغير حول قول الله سبحانه (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) (آل عمران 159). هل عاش النبي صلى الله عليه وسلم الآية عملياً في حياته؟ ومن هو هذا الغير؟
للجواب على معاملة الغير أسلوبياً هذا يعني دراسة الآية نحوياً وبلاغياً ومطابقتها مع الأحاديث الشريفة في هذا الإطار؛ لمعرفة الأبعاد النفسية والتربوية والاجتماعية لهذا الآخر الذي يقف بإزاء النبي صلى الله عليه وسلم أو في محيطه. فلا بد من تفكيك البنية النحوية للتركيب الشرطي: تأتي "لو" في أسلوب التركيب الشرطي عند النحويين، لعقد السببية والمسببية بين جملة الشرط، وجملة الجواب المشروط بحدوث جملة فعل الشرط؛ لأن الشرط المؤلف من جملة الشرط وفعل الشرط ممتنع بامتناع جملته الأولى بصيغة الفعل الماضي (كُنتَ)، لتمتنع جملة الجواب (لاَنفَضُّواْ)، فدخول "لو" على الماضي تثبت عدم وقوع حدث الفعل الماضي ولو مرة واحدة، من ذلك تولد منها معاني التنديم في مواضع أخرى في قول أحدنا: "لو اشتريت الكتاب لفزت اليوم" ذلك واضح من التأكد من عدم الشراء. فامتناع الأول (جملة السبب) يلزم امتناع الثاني (جملة المسببية) وجود السبب والنتيجة الناجمة عنه، والمقصود من وجود اللام المزحلقة في (لاَنفَضُّواْ) تحقيق ثبوت الثاني، فعدم الفظاظة هو الكفيل بالتفاف الآخر والإقبال عليه.
يقول الإمام علي بن أبي طالب في هذا السياق: "من لان عوده كثرت أغصانه"، فاستخدام "من" للعاقل توجه المعنى إلى الإنسان، فما استخدم "ما" التي للشيء، ويقصد بـ"من" الإنسان الليّن كالغصن الأخضر: كما في قول الشاعر:
إن الغصون إذا قومتها اعتدلت ولا يلين إذا قومته الخشب.
فالغصن الليّن تتفرع منه الغصون ولم يكن ذلك للغصن اليابس، ولا للطبع اللين أن ينفر منه محبوه، وشتان بين اللين والقسوة، هذه بلاغة التشبيه الضمني الذي يشير إلى المشبه والمشبه به دون ذكر الأداة ووجه الشبه اللذين يتضمنها المعنى السياقي.
فمن الآية الكريمة (وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ) نستشف قوانين الأنا والآخر، فالأنا اللين الواعي يجلب الآخر ويسود عليه من منظور: أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم، ومن مبدأ: إن المحب لمن يحب مطيع. فالمبادرة تنطلق من فاعل فعل الشرط الذي يحدد العلاقة ويوجهها. فبلاغة الأسلوب لشرائط المعاملة تبدأ من مراقبة الذات ثم تنتقل إلى تحديد العلاقة مع الغير، فالعمل على رقابة الذات تبدأ أولاً لمراعاة نفسية الغير، ثم الالتزام بذلك في سياق الاقتداء.
لكن يبقى أن نطرح أسئلة عملية، من وحي السيرة تتعلق – بلاغياً – بالسلوك والاحتكاك بالغير. كيف طبق الرسول صلى الله عليه وسلم الآية عملياً في حياته؟ ومن هو الغير؟ هل المقصود بالآخر الأهل والأصحاب والمحيط، المسلم وغير المسلم؟ فالتعامل مع الغير عند النبي صلى الله عليه وسلم يبدأ من منطلقات الرحمة، والرفق، ومراعاة التفكير هذا الغير، بقوله صلى الله عليه وسلم بأسلوب خبري يفيد الحضّ والحثّ، في قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يشكر الله من لا يشكر الناس" ثم بأسلوب المباشرة باستخدام الكلام الإنشائي الطلبي الأمر الذي يفيد معنى النصح والإرشاد، "ألا أدلكم على عمل إذا فعلتموه تحاببتم: أفشوا السلام بينكم" ثم قوله: "خاطبوا الناس على قدر عقولهم"، ثم "أعطوا الأجير حقه قبل أن يجف عرقه"، ثم قوله: "إلتمس لأخيك سبعين عذراً". وفي هذا السياق قال أحد الأئمة اقتداءً بأخلاق النبي في التعامل: لو رأيت رائحة خمر تصدر من أحدهم فلا تقل: "فلان مخمور سكران، لأنه ربما كان في طريقه وأصابته تلك الرائحة من سكران يرش الخمرة في الطريق.
إذاً، ينطلق التعامل مع الآخر من المحبة وتعزيز ثقة الغير بإيصاله إلى حقوقه ثم المبادرة إلى التواصل وتعزيز الأمن والأمان النفسي والمادي.
باللين وحده تمتاز أمتنا ويتميز ديننا، لأن التعامل برفق مع الآخر هو الطرح الوحدوي البديل لحضارة المادة التي لم تؤمِّن الأمن النفسي ولا الجسدي، ثم نجدنا نطرح على أنفسنا تساؤلات كيف يمكن لنا أن نعامل الآخر من منظور الدين وكسب الأجر والثواب؟ فهل يتساءل هذا الآخر غير المسلم – إلا من رحم الله – كيف يتعامل مع المسلم؟
تبيّن أن التعامل مع الآخر من الناحية التطبيقية هو فعل إرادة فرضية وطوعية في المعاملات الدينية واليومية، فبقي أن أشير إلى الناحية الأسلوبية والبلاغية في خطاب الغير – أقول الغير لا الآخر، لأن في الآخر معنى الندية واقتراب المكانة من هذا النبي – في حياة الرسول الذي كان كثيراً ما يلجأ إلى أسلوب التعريض الذي هو جزء من الكناية في علم البلاغة البيانية، متأثراً بالأسلوب القرآني، وفي ذلك مراعاةٌ للبعد النفسي لهذا الآخر، وفيه منهج تعليم له. والتعريض(1) هو لفظ استعمل في معناه للتلويح بغيره، وهو توجيه اللفظة والإشارة بشكل عام أو على شكل طرفة من دون إحراج أو جرح مشاعر بهدف التقويم ومحاسبة النفس بأن يراجع المعني بذلك حساباته بينه وبين نفسه من غير انزعاج، ورد مثله في القرآن الكريم لمعان متعددة:
1- للتلطف والاحتراز عن المخاشنة نحو قوله تعالى: (وما لي لا أعبد الذي فطرني) (يس: 22) أي وما لكم لا تعبدون؟ ومثله في الحديث: ما لي أرى أقواماً تخلفوا عن الصلاة؟ إذا وجد في مجلسه الكريم من تخلّف عنها، فهو يعرّض مذكراً المتخلف بدون أن يحدد من تخلّف وعن جرير أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم من بين يديه فاستقبلته رعدة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "هوِّن عليك فإني لست بملك، إنما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد". أخرجه الطبراني.
2- وإما لاستدراج الخصم إلى الإذعان والتسليم، ومنه في القرآن الكريم (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) (الزمر 65) وفي قوله صلى الله عليه وسلم في رسالته إلى هرقل: "من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم. السلام على من اتبع الهدى. فالتعريض كان بأسلوب الكلام الخبري.
3- وإما للذم (إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ) (الرعد: 19).
4- وإما للإهانة والتوبيخ، نحو (وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ) (التكوير: 8 – 9).
5- ثم يأتي التعريض بالإشارة، فكثيراً ما كان صلى الله عليه وسلم يستخدم إشارات يديه الطاهرتين، يفهم الناظر الفطن المقصود بصريح المعنى الذي لم يذكر في العبارة ويلفظ في الإشارة، وذلك ما أشار إليه علماء النفس في عدم إيذاء المخاطب بالمواجهة المباشرة والإحراج والنفور. هذا غيض من فيض رسول الله صلى الله عليه وسلم البليغ القدوة المثال.

(1) الإتقان في علوم القرآن للسيوطي، تقديم مصطفى البغا، دار ابن كثير، بيروت 3، 1996، ج2 صفحة 793، 794، 795.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
بلاغة الأسلوب النبوي في معاملة الغير: مراعاة الأبعاد النفسية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
قلوب الخير ::  الاسلاميات :: نصائح للمسلمين-
انتقل الى: